Page 91 - alamn
P. 91
مـــن الرســـائل التي كانـــت تدعـــو إليها هذه الإرهابييـــن فـــي كيفية التعامل مـــع الأزمة من تهافـــت هذا الخطاب ،فإنـــه من المهم
يعكـــس خلا ًفا أعمق في رؤية وإســـتراتيجية قراءتـــه والتعامـــل معـــه بج ّديـــة؛ حيـــث إنه
الجماعـــات ســـل ًفا ،لتعطي هـــذه النظريات كل منهمـــا .فكمـــا ذكـــرت الباحثـــة نيللـــي يكشـــف محاولـــة تنظيم داعـــش تجيير أزمة
زخ ًمـــا إضاف ًيـــا .فالجائحـــة فـــي ذروتهـــا، لحـــود« ،إن كانـــت قيـــادات القاعـــدة تريـــد فيـــروس كورونـــا لصالحه من خـــال قيامه
علـــى ســـبيل المثال ،تســـ ّببت في كشـــف إظهـــار أنهـــم وأتباعهم مســـتعدون للموت بإدماجهـــا ضمن إطار أيديولوجيته المتط ّرفة
بعـــض الجوانـــب الســـلب ّية للعولمـــة مـــن مـــن أجـــل القضيـــة ،فـــإن قيـــادات داعـــش القائمـــة أسا ًســـا علـــى خدمـــة أهدافـــه
إغـــاق الحـــدود ،وتعزيـــز انكفاء الـــدول على حريصون علـــى إبراز أنهم يريـــدون أن يقتلوا الســـابقة والدفع بهـــا .فلم يفـــت التنظيم،
علـــى ســـبيل المثـــال ،التأكيـــد لأتباعـــه بأن
ذاتهـــا ،وإضعـــاف الثقـــة في المؤسســـات مـــن أجـــل القضية». إعـــان القـــوات الفرنســـية والتشـــيكية
ومـــن الملاحـــظ واللافـــت فـــي قـــراءة انســـحابهما من العـــراق ،وكذلك انســـحاب
والمنظمـــات الدوليـــة .ومـــن المحتمـــل التنظيميـــن الإرهابييـــن الرســـمية لأزمـــة القـــوات الأميركية الـــذي تزامن مع انتشـــار
كورونـــا عـــدم اللجـــوء لنظريـــات المؤامـــرة فيـــروس كورونا ،مـــن قاعدتين عســـكريتين
والمتصـــ ّور إذن أن يؤثـــر ذلـــك ســـل ًبا فـــي لتفســـيرها ،وذلك على عكس تف ّشيها لدى فـــي العراق في محافظتـــي نينوى وكركوك
آفـــاق التعـــاون الدولـــي ،ويع ّزز من شـــعبية أوســـاط جماعات أقصى اليميـــن المتط ّرف وتســـليمهما للجيـــش العراقي ،هو بســـبب
الاتجاهات الشـــعبوية والحمائيـــة والقومية التي تضم مفاهيمها ،بشـــكل عـــام ،خلي ًطا
من كل أو بعض الأفكار الفاشـــ ّية ،القوم ّية ضغـــط الأزمـــة الاقتصـــادي والصحي.
المتط ّرفـــة التـــي كان لهـــا وجـــود وحضـــور المتطرفـــة ،والناز ّيـــة ،ومناهضة الإســـام، أما في مـــا يتعلق بتنظيـــم القاعدة وقراءته
فـــي المجتمعـــات الغربيـــة ما قبـــل كورونا، ومعاداة الســـام ّية ،ومكافحـــة الهجرة .ومن للأزمـــة ،فقـــد نشـــرت القيـــادة العامـــة
غيـــر المســـتغرب أن تنشـــط التفســـيرات للتنظيـــم بيا ًنا عا ًما في مـــارس (آذار) 2020
خصو ًصـــا فـــي أوســـاط أقصـــى اليميـــن المؤامراتيـــة في ظل منـــاخ الأزمات وأجواء ذكـــرت فيـــه أن الفيـــروس أصـــاب العالـــم
المتطـــ ّرف. الخوف والارتيـــاب ،إلا أن نظريات المؤامرة و»الأمة الإســـامية» بســـبب ذنوبهم ،ولم
كانـــت رائجـــة مـــا قبـــل أزمـــة كورونـــا فـــي يخـــف التنظيم كذلك ســـعادته بالضرر الذي
ومـــن أكثر النظريات المرتبطـــة بكورونا التي أوســـاط جماعات أقصى اليمين المتطرف. لحق بالاقتصاد الأميركي الذي وجد نفســـه
وقـــد أتـــت الجائحـــة ،التـــي كان بعـــض من فجأة «فـــي غرفة العناية المركـــزة» من جراء
لاقـــت روا ًجـــا في أوســـاط هـــذه الجماعات نتائجهـــا وآثارهـــا الأوليـــة فصالـــح العديـــد الأزمـــة .كمـــا دعـــا المســـلمين إلـــى التف ّكر
نظريـــة «الجيـــل الخامـــس» .وت ّدعـــي هـــذه والتوبـــة والعودة إلى «الجهـــاد» ،ومواطني
النظريـــة أن الفيـــروس بحد ذاتـــه غير مضر، الـــدول الغربيـــة إلـــى التف ّكـــر في فســـادهم
الأخلاقـــي واقتصاداتهـــم الربويـــة والظلـــم
وأن المـــرض والوفيات ســـببها فـــي الواقع الذي تســـببت بـــه حكوماتهـــم .بمعنى آخر،
وجـــد تنظيـــم القاعـــدة فـــي أزمـــة كورونـــا
قوة إشـــعاعات الترددات الكهرومغناطيسية فرصـــة لمحاولة كســـب القلـــوب والعقول
مـــن خلال الدعـــوة للتأمـــل الذاتـــي والتف ّكر
التـــي تصدرهـــا أبـــراج اتصـــالات الجيـــل والدعوة للدين ،بحســـب تفســـيره المتش ّدد
طب ًعـــا .ومـــن المهـــم التأكيـــد هنـــا أن كون
الخامـــس ،حيث إنها تســـحب الأوكســـجين خيـــارات تنظيـــم القاعـــدة في هـــذا الجانب
تبـــدو أقـــل تشـــ ّد ًدا ووحشـــ ّية مـــن تنظيـــم
مـــن الهـــواء والكائنـــات الحيـــة ،وهـــي التي داعـــش ،فـــإن ذلـــك لا يعنـــي بأي حـــال من
الأحـــوال اعتدالهـــا .فهـــو لا يـــزال يتب ّنـــى
أيديولوجيـــة متط ّرفـــة تدعـــو لاســـتخدام
الإرهاب كوســـيلة وخيـــار لتحقيق الأهداف
السياســـية .كل مـــا فـــي الأمـــر أن نســـب ّية
المقارنـــة مع الأكثر تشـــ ّد ًدا جعلـــت الصورة
تبـــدو وكأ ّنها كذلك .إن اختـــاف التنظيمين
91